المسلمين وعقدة النصر الزائف


لا يخفى على اي متابع لشئون المسلمين هذه العقدة البينة الواضحة المتأصله في عقول المسلمين, عقدة النصر الزائف التي جعلت من بلاد الإسلام اضحوكة ومثل يضرب به في خفة العقول والإنجرار وراء حقائق زائفة لتحقيق راحة نفسية وهمية

بصراحة بدأت اشك انها احدى اركان الإسلام الخمس, او ربما جزءاً من الشهادة الإسلامية المعروفة, حيث انك من المستحيل ان تجد مسلماً يعترف بالهزيمة.. وكيف يعترف بها والله قد وعد بنصره واظهاره على اعدائه ؟

وبمجرد الإطلاع على ردود الزملاء المسلمين في المدونة او في اي نقاش ستجد ان تلك العقدة تبدأ في النشاط بمجرد الدخول في نقاش حاد مع اصحاب الديانات والمذاهب الأخرى, وبالأخص النقاشات مع الملحدين

وأعتقد بالنظر الى حروبنا مع اسرائيل وبالمقارنة بين جميع الحروب ستجد حقيقة واحدة نحب ان ندعيها دائما : نحن انتصرنا.. لايهم عدد القتلى, لا يهم حجم الدمار, لا يهم اثار الحرب, المهم اننا انتصرنا.. لأن رب الرمال وعدنا بذلك

على سبيل المثال ماحدث في لبنان في صيف 2006 وما حدث في غزة قبل فترة وجيزة, كان عدد القتلى الفلسطينيين قد تجاوز الـ1400 قتيل, بينما عدد القتلى الإسرائيليين 13 قتيلاً, واذا بالصحف تهلل وتكبر بنصر ساحق على احفاد القردة والخنازير.. بالطبع لا تنظر الى نتائج الحرب.. انظر الى ذلك الجزء الصغير الذي يقول : نحن المنتصرين

اعادت حرب غزة الى الأذهان ذكرى غزوة مؤته التي حارب فيها المسلمون الروم, والتي لم يتفاخر بها المسلمون كثيراً نظراً للدرس الصعب الذي تلقاه محمد وأتباعه من الروم, مختصر القصة ان محمد ارسل رسولاً الى ملك بصرى يطلب منه ان يسلم, ولكن كان الملك من النوعية التي لم يتوقعها محمد.. فقتل ملك بصرى ذلك الرسول الذي ارسله محمد شر قتله, فأصر نبينا الحكيم ان يقيم حرب غير متكافئة نهائياً بين المسلمين وبين الروم, وبالطبع لم يذهب في قيادة ذلك الجيش الضئيل نظراً لخطورة الموقف.. ذهب المسلمون الى منطقة مؤتة لتدور حرب على مدى عدة ايام والتي كانت بمثابة كارثة عسكرية وسياسية من العيار الثقيل على محمد, بل وربما كانت سبباً في اكتشافه زيف ادعاءه

خسر المسلمون ما خسروا من خيره رجالهم في تلك الحرب.. ولم يجدوا اي اثراً لرب الرمال الذي تناسى وعده بالنصر ذلك اليوم, واذا بقوات الروم البالغة 200.000 تهم في سحق اتباع محمد البالغ عددهم 3.000 مسكين, وكما يقولونها بالعامية المصرية "عرفوهم ان الله حق ☺".. ولكن لا تنسى.. المسلمون هم المنتصرون مهما حدث.. اتذكر ؟

هذه هي عقلية المسلم يا اعزائي, العقلية الموهومة بالنصر مهما كانت النتائج او العواقب.. وان خسرت حرباً ما (وحاشا لله) فبالتأكيد هو عقاب من رب الرمال الذي اختار ان لا تنتصر انت بدون سبب واضح, هل ستعترض على حكمة الله ايها الفاسق ؟

وللأسف هذا ما يحدث تماماً في ارجاء عالم الانترنت, يعتبر رؤية مسلم يعترف بهزيمته في نقاش من رابع المستحيلات, بل ويصل الأمر الى ادعاء النصر المبين المرسل مباشرة من رب الرمال, واذا قام مسلم بريء بالدخول في نقاش وترك ما طابت له نفسه بتركه من السباب والشتائم واهمل الرد على النقطة الرئيسية, سيأتي مسلم اخر مهللاً وفرحا بالنصر "لقد افحمت ذلك الملحد الفاسق واخرسته باركك رب الرمال ونبيه صلعم" .. ويدع المتابعين المحترمين في حيرة من أمرهم.. هل تحدى ذلك الملحد ان يرد عليه احد بالسباب مثلاً ؟ هل الطريقة الوحيدة لإثبات وجود رب الرمال هي السب والشتيمة ؟

على كل حال أعلم يقيناً أن هناك مناقشين محترمين كثر, ولكن اذا قارنتهم بعدد المسلمين الواقعين تحت وهم "نحن المنتصرون دائماً" فلا مجال للمقارنة.. نصيحيتي لزملائي المحترمين هي انتقاء الفاظهم ومحاولة اخفاء تلك العقدة كيلا تستمر المهازل اكثر من ذلك.. انه دينكم.. وهو على المحك, فهو يا اما صحيح و اما خاطئ, وان كان خاطئاً فهذا ليس ذنبك, وان كان صحيحاً فأثبت ذلك بالعقل والاحترام وليس بالتهجم والشخصنة.. لذلك لقد اتبعت نهج صريح من الآن وصاعداً, وهو قبل ان ادخل في نقاش مع مسلم, سأسأله سؤال بسيط, والإجابة تكون بـنعم.. أم لا.. وهو كالتالي

لنفترض اننا تناقشنا حول طبيعة دينك، واستطعت ان ابرهن لك بما لا يدع مجالا للشك بأن دينك مبني على أساس غير صحيح وأنه لم يتنزل من عند الله وانما جاء بطريق أخر. إن افترضنا جدلا أنني استطعت أن ابرهن لك على ذلك (وأنا لا أزعم أنني سأفعلها)، هل لديك استعداد لترك دينك؟

إذا كانت الإجابة بلا.. فاعتقد ان النقاش لا طائل منه, وهو لا يبحث عن الحق بل لا يريد أكثر من السفسطة والجدال الفارغ

لذلك أدعوا جميع الزملاء المسلمين المحترمين الى نقاش هادئ وصريح وخالي من السب والشتيمة, فكما ذكرت سابقاً نحن نتفق على هدف واحد.. وهو الوصول الى الحقيقة التي لا يملكها اياً منا.. تلك الحقيقة التي لن نكتشفها اذا اصرينا اننا ولدنا بها ونملكها مسبقاً بالفطرة.. لأن الشيء الوحيد الذي ولدنا به هو الجهل, وبالقراءة والإستكشاف سنصل الى ما ترضاه عقولنا حتى اذا كان ذلك مخالفاً لما تربينا عليه من نعومة اظفارنا

تحياتي

ياسر