العلم والدين.. هل يمكن أن يتفقان ؟


من المعروف والمسلم به مسبقًاً أن العلم والدين يصبان في اتجاهين مختلفين تماماً, سأقوم في هذا الموضوع بإثبات هذه النقطة بإختصار شديد معتمداً على أحداث تاريخية وحقائق علمية مثبته


شروط الفرض العلمي

لكي تقول أن شيئاً ما يعتبر حقيقة علمية يجب أن تستوفى فيه أربع شروط :

1- يجب أن يبدأ الفرض من الوقائع الملاحظة ولا يكون مجرد تخيلات وأساطير
2- يجب أن يكون الفرض قابلاً للتحقق
3- يجب أن يكون الفرض متسقاً مع الحقائق العلمية الأخرى
4- عدم التمسك بالفرض اذا لم يثبت صحته

فشلت كافة التفسيرات الدينية في استيفاء اي من تلك الشروط, وبدلاً من ذلك تم استبدال الحقيقة العلمية بالأسطورة (Mythology) وعلى الرغم من ذلك مازال الدينيون مصرون على ان اديانهم توافق الحقائق العلمية, معتمدين في ذلك على تحريف معاني النصوص وتأويلها... سنبحث نقطة التأويل لاحقاً في هذا الموضوع


الأديان الحديثة والأديان القديمة

اذا كنت من المهتمين بدارسة تاريخ القدماء, ستجد ان الأديان الحالية لا تختلف كثيراً عن الأديان القديمة متعددة الألهه (Polytheism) ويمكن قياس ذلك عن طريق وضع مقارنة تاريخية بين تفسيرهم للظواهر الطبيعية, ولنأخذ ظاهرة الشروق والغروب على سبيل المثال :

كان المصريون القدماء يعتقدون ان الشمس تشرق عندما يتحارب الإله حورس مع الإله سيت ويغلب حورس خصمه سيت , وعند الغروب يتحارب الخصمان مرة أخرى فيغلب سيت خصمه حورس ويجعل الشمس تختفي, وهم على هذا المنوال كل يوم

بالتأكيد اذا عرضت هذا الكلام على مسلم فسيسخر ويعتبرها مجرد أسطورة لا معنى لها ولا يمكن أن تعتبر حقيقة علمية, لنرى اذاً وجهة نظر محمد حول الشروق والغروب

عن أبـي ذرّ الغفـاريّ، قال: كنت جالساً عند النبـيّ صلى الله عليه وسلم فـي الـمسجد، فلـما غَرَبت الشمس، قال: " يا أبـا ذَرّ هَلْ تَدْرِي أيْنَ تَذْهَبُ الشَّمْسُ؟ " قلت: الله ورسوله أعلـم، قال: " فإنها تذهب فتسجد بَـينَ يَدَيْ رَبِّها، ثُمّ تَسْتأذِنُ بـالرُّجُوعِ فَـيُؤْذَنُ لَهَا، وكأنَّها قَدْ قِـيـلَ لَهَا ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعَ مِنْ مَكانِهَا، وَذلكَ مُسْتَقَرّها "

الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 3199
خلاصة الدرجة: [
صحيح]

من الطبيعي جداً ان تسمع محاولات المسلمين لتحريف معنى الحديث رغم وضوحة, فقد قمت سابقاً بطرح الحديث في أحد مواضيعي واستمتعت بقراءة المحاولات المضنية لترقيع الحديث ولكن كل المحاولات بائت بالفشل لأن الحديث يفسر نفسه بنفسه, ومن كانت لديه نية في اكتشاف الحقائق لا الدفاع عن الباطل فسيرى بوضوح ان فكرة محمد عن الشروق والغروب لا تختلف كثيراً عن فكرة المصريين القدماء.. وإن صدقت كلام محمد فليس لك عذر في عدم تصديق الأسطورة الفرعونية


الصراع بين العلم والدين

الصراع بين العلم والدين صراع أزلي ومعروف, فكلنا نعرف قصة جاليلو والكنيسة حين اتهمته بالهرطقة, لكن احدث هذه الصراعات كان بسبب نظرية التطور, والتي فشلت جميع الأديان في تأويل نصوصها وتحريفها لموافقة تلك الحقيقة العلمية.. وأوضح هذه الصراعات كان الخبر الذي هز السعودية في بداية الثمانينات, وهو أن الأرض تتحرك والشمس ثابتة, سأضع لكم جزءاً مما قاله الشيخ بن باز مفتي السعودية في ذلك الوقت :

أن كثيراً من مدرسي علوم الفلك ذهبوا إلى القول بثبوت الشمس ودوران الأرض وهذا كفرٌ وضلال وتكذيبٌ للكتاب والسنة وأقوال السلف ،وقد اجتمع في هذا الأمر العظيم النقل والفطرة وشاهد العيان فكيف لا يكون مثل هذا كافراً، لو أن الأرض تتحرك لكان يجب أن يبقى الإنسان على مكانه لا يمكنه الوصول إلى حيث يريد ، لذلك فالقول بهذه المعلومات الطبيعية وتدريسها للتلاميذ على أنها حقائق ثابتة يؤدي إلى أن يتذرع بها أولئك التلاميذ على الإلحاد حتى أصبح كثير من المسلمين يعتقدون أن مثل هذا الأمر من المسلمات العلمية

لو كانت الأرض تدور كما يزعمون لكانت البلدان والأشجار والأنهار لا قرار لها ، ولشاهد الناس البلدان المغربية في المشرق والبلدان المشرقية في المغرب ، ولتغيرت القبلة على الناس لأن دوران الأرض يقتضي تغيير الجهات بالنسبة للبلدان والقارات هذا إلى أنه لو كانت الأرض تدور فعلاً لأحسَّ الناس بحركة كما يحسون بحركة الباخرة والطائرة وغيرها من المركوبات الضخمة

القائل بدوران الأرض ضال قد كفر وأضل كذَّب القرآن والسنة ، وأنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافراً مرتداً ويكون ماله فيئاً لبيت مال المسلمين.

كتاب : الأدلة النقلية و الحسية على جريان الشمس و سكون الأرض و إمكان الصعود إلى الكواكب - مكتبة الرياض الحديثة ، البطحاء-الرياض 1982م-1402هـ

استشهد ابن باز في كلامه على التالي :

1- وَتَرَى الشَّمْسَ إذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ...- فهذه الآيات دلائل قاطعة و براهين ساطعة على ان الشمس جارية -(يقصد جارية حول الأرض كما يفهم من سياق الكلام ، انظر تكمله الجملة) لا ثابتة و على ان الارض قارة ساكنة كما ارساها الله بالجبال الرواسى ... صـــ 22


2- ... و من الشبّه التى اوردها بعض من قال بدوران الأرض أنهم قالوا إن الميد الذى نفاه الله غير الدوران الذى اثبتناه ، فالميد شئ و هو الإضطراب و عدم الاستقرار و الدوران شئ آخر و هو شئ خفى لا يحس به ، و هذا باطل ، و شبهه زائفة فقد نص أئمة التفسير و اللغة على ان الميد يطلق على الاضطراب و الحركة و الدوران كما سيأتى ذلك فيما سننقله...-(دلل على الميد من المعاجم العربية و منها فعل الدوران)... صــــ 24

3- استشهد الشيخ بعلماء السلف و الأئمة القدام و إجماعهم بوقوف الأرض و سكونها و مدها ، و ان حركتها تكون فى العادة لزلزلة تصيبها... صــــ 27

4- ... فى الصحيحين انها اذا غربت ذهبت لتسجد تحت العرش صــــ 23
____

الظريف في الأمر هي جملة مضحكة وجدتها في احدى المواقع الإسلامية وهي كانت عبارة عن محاولة للخروج من هذا المأزق الخطير "لا أحد يعلم, فقد يكتشف العلم يوماً ما أن الشمس تذهب الى الله عند الغروب"


تأويل النصوص

التأويل بإختصار : هو تحريف النص وتغيير مقصده, كقول (الله لا بقصد ذلك, بل قصد ذاك), والهدف من التأويل هو محاولة الخروج من مأزق ما سببه نص يتخالف مع الحقائق العلمية الثابته, ويلجأ المتدينون الى التأويل بعد فشل كل المحاولات الرامية الي تكذيب الحقيقة

قام الزميل xTamer بعرض ما اكتشفه بخصوص دوران الأرض على الشيخ خالد الجندي أملاً في الحصول على رد بخصوص تلك المسألة.. فكان رد الشيخ كالتالي :

إذا تعارض القانون العلمى الثابت المُشاهد مع ظاهر النص فهناك أمران أثنان :
1- إما أن نقوم بتأويل النص بما يتفق مع المعنى العلمى المُشاهد .... أو
2- نفوض معنى النص لله و نخرج منه سالمين ، ففى التفويض نجاة - و رحم الله علمائنا و جزاهم خيراً

بمعنى انك اذا وجدت ما يثبت ان الإسلام يتعارض مع الحقائق العلمية فعليك أن تحاول ان تأول النص وتحرفه, إن لم تنجح في ذلك فعليك بتفويض الأمر (نسيانه) ولا تفكر به مرة أخرى

بعد أن ادرك الشيخ أن ماقاله وقع في ايدي الزملاء في منتدى الملحدين العرب, سارع بمسح رده واغلاق السؤال, اذا اردت ان تقرأ بخصوص رد الشيخ خالد الجندي تفضل هذا الموضوع منهـــنــــا

خلاصة القول

الأسطورة ستظل اسطورة مهما حاولت ترقيعها, والحقيقة ستظل حقيقة مهما حاولت تكذيبها, انظر بعين العقل اذا اردت ان ترى الحقيقة بوضوح, اذا اضفت التحيز الى محاولتك الرد على هذه المسائل فستجد نفسك ذهبت بعيداً وستجد ان محاولاتك غير منطقية نهائياً, بينما انا اكتب هذه الكلمات اعلم مسبقاً ان هناك من سيحاول الرد وتحريف الكلام لإثبات وجهة نظره, فلولا تحريف الكلام لما استمرت الأديان الى يومنا هذا, ازل الغطاء الديني عن عقلك لكي تكتشف الحقيقة, فعقلك يا عزيزي المؤمن ليس رخيصاً لكي تسلمه للأساطير والخرافات.


وهداكم العقل...

تحياتي

ياسر