خدعوك فقالوا... إعجاز علمي !


بصراحة يؤسفني أن اتحدث عن قضية بهذه التفاهة في القرن الواحد والعشرين, لكن للأسف مازال هناك الكثير من المسلمين يتعلقون بما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة, وللأسف يؤمنون أن كل مايسمعوه عنه صحيح بدون مراجعته أو التشكيك فيه.

في موضوع اليوم سأقوم بعرض عينة من تلك الحجج وسأكشف لزملائي المسلمين حقائق بخصوص تلك الأكاذيب, وسأقوم بعمل ذلك عن طريق الإتيان بالحجة والدليل.



العوامل المشتركة بين جميع أكاذيب الإعجاز العلمي

قبل الشروع في قراءة اي مقالة عن الإعجاز العلمي لابد وأن تجد مقدمة مكررة وهي غالباً تكون كالتالي:

أكتشف أحد علماء الغرب الكبار -ولا يقول اسمه طبعاً- اكتشافاً علمياً اخبرنا به الرسول صلعم قبل 1400 سنة, وهو ما يدلل أن محمد ذلك الرجل الأمي ماهو الا مبعوث من عند رب الرمال عز وجل, وهاهو الغرب الكافر يؤيد كلام نبينا الكريم ويشهد بنبوته, وها هم العلماء يدخلون في دين الله افواجاً بعد تعمقهم في القرآن -وبالتأكيد وحده يعلم أسماء هؤلاء العلماء-

بعد هذه المقدمة المثيرة لحماس القارئ يبدأ عمنا كاتب المقال بإبهارنا بأحدث ماتوصلت اليه مخيلاتهم من خزعبلات, سأعرض لكم بعضاً من ادعائتهم لأدلل للجميع تعمدهم الكذب وإخفاء الحقائق.



الجبال لها أوتاد ... ؟

ادعى الإعجازيون ان محمد استقى من ملاكه ذا الـ600 جناح معلومة خطيرة, وهي أن الجبال لها اوتاد, سأقتبس لكم جزءاً من ما كتبوه:

﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا*وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾ (النبأ:6-7) . تشير الآية إلى أن الجبال أوتاد للأرض ، والوتد يكون منه جزء ظاهر على سطح الأرض ، ومعظمه غائر فيها ، ووظيفته التثبيت لغيره . بينما نرى علماء الجغرافيا والجيولوجيا يعرفون الجبل بأنه: كتلة من الأرض تبرز فوق ما يحيط بها، وهو أعلى من التل

ونسي نجم الأكاذيب زغلول النجار حقيقة هامة جداً.. وهي ان لفظ "الجبال اوتاد" كان منتشراً قبل ادعاء محمد النبوة بفترة كبيرة, أي انه لم يكن أول من قال ان الجبال اوتاد, بل ان كعب بن لؤي قالها قبل محمد بكثير.. وسأقتبس لكم هذا الجزء من كتاب البداية والنهاية لأبن كثير :

كان كعب بن لؤي يجمع قومه يوم الجمعة، وكانت قريش تسميه العروبة، فيخطبهم فيقول : أما بعد فاسمعوا، وتعلموا، وافهموا، واعلموا، ليل ساج، ونهار ضاح، والأرض مهاد، والسماء بناء، والجبال أوتاد، والنجوم أعلام، والأولون كالآخرين

هل تعتقد أن زغلولنا لم يعلم بأن تلك المعلومة كانت معروفة قبل الإسلام ؟ بالتأكيد لا, لكن مثل هؤلاء الناس على أتم استعداد لتجربة كل الطرق الملتوية لإيهام الناس بأن هناك شيئاً ما يميز اشعار محمد عن باقي الأشعار.



كروية الأرض في القرآن

ادعى الإعجازيون شيء اخر, وهو أن محمد "سبق زمانه" بإخبار الناس أن الأرض كروية.. وهاهو النص كما ذكروه:

(والأرض بعد ذلك دحاها). وهى آية يتعمد كل باحث إسلامي أن يوردها فى معرض التدليل على أن القرآن قد سبق زمانه بتحديد شكل الأرض شبه الكروي.

المشكلة هنا هي أن الفعل "دحاها" لم يطلق في يوم من الأيام للإشارة الى كروية شيء ما, وهاهو ما وجدت في المعاجم اللغوية بخصوص تلك الكلمة:

المحيط
دحا الشّيْءَ: بسَطه

الغني
دَحَا اللَّهُ الأرْضَ" : بَسَطَهَا. والأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاها -قرآن
دَحَاهَا فَلمّا رآهَـا اسْتَـوَتْ عَلَى الْمَاءِ أرْسَى عَلَيْهَا الجِبالا - ابن بَرِّي

الوسيط
دحا الشيءَ: بسطه ووسعه. يقال: دحا اللهُ الأَرض
الدَّحْيَةُ: القِرْدة
الدِّحْيةُ: رئيس الجُند

القاموس المحيط
دَحَا: الله الأرضَ (يَدْحُوهَا وَيَدْحَاهَا دَحْواً) بَسَطَها
والرَّجُلُ جامَعَ والبَطْنُ عَظُمَ واسْتَرْسَلَ إلى أسْفَلَ
وادْحَوَى: انْبَسَطَ


أي ان رب الرمال كان ضعيف لغوياً لدرجة انه لم يعلم الفرق بين الفعل "دحاها" والذي يعني سطحها, وبين الأسم "الأدحية" والتي تعني بيض النعام.. بصراحة لقد أهان الإعجازيون ربهم أكثر منا نحن الملاحدة, وتناسوا أيضاً ان هناك شعراء ذكرو دحي الأرض قبل ادعاء محمد النبوة, فقد قال أمية بن الصلت:

وبث الخلق فيها إذ دحاها فهم سكانها حتى التناد
وانشد المبرد:

دحاها فلما رآها استوت على الماء أرسى عليها الجبالا

أي انها أيضاً كانت معلومة عامة قبل مجيء محمد, وهاهي أكذوبة أخرى خربت الطبخة على الإعجازيين



دليل أخر على ذكر القرآن لكروية الأرض

ادعى الإعجازيون أن محمد تحدث عن كروية الأرض حينما اشعر قائلاً : "وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب"

لكن بالتأكيد لن تجد اياً منهم يذكر المقطع كاملاً, بل سيكتفي بإقتطاع هذا الجزء وترك الجزء الذي سيفضح كذبته.. لنقرأ الجزء كاملاً:
(87) ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الارض الا من شاء الله وكل اتوه داخرين (88) وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي اتقن كل شيء انه خبير بما تفعلون (89) من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ امنون
نلاحظ في الجزء السابق ان محمد قال "ويوم ينفخ في الصور" والنفخ في الصور هو ماسيحدث يوم القيامة, أي انه كان يذكر ما سيحدث للجبال يوم القيامة في الجزء السابق الذي لا يذكره الإعجازيون ابداً عندما يتحدثون عن تلك المسألة, ونلاحظ أيضاً انه يتحدث عن يوم القيامة في الجزء اللاحق حين قال "من جاء بالحسنة", لنقرأ تفسير ابن كثير لهذا المقطع:
وهذا يوم القيامة؛ أي هي لكثرتها كأنها جامدة؛ أي واقفة في مرأى العين وإن كانت في أنفسها تسير سير السحاب، والسحاب المتراكم يظن أنها واقفة وهي تسير؛ أي تمر مر السحاب حتى لا يبقى منها شيء



الخلاصة

يمكن ضحد وكشف حقيقة الإعجاز العلمي بسهولة بإستخدام العقل وبالإعتماد على كتب التفاسير ومعاجم اللغة, فمحمد لم تكن لديه أدنى فكرة عن آلية عمل اي ظاهرة طبيعية (راجع موضوع التفاسير المحمدية للظواهر الطبيعية), بل انهم يعتمدون على لي معاني الكلمات لإبقائك موهوماً ومنقاداً خلف أكاذيبهم, ومن حسن الحظ هناك عقلاء في هذا العالم أستطاعوا ادراك تلك الخدعة الكبيرة, فمن كذبة أن مكة مركز الأرض الى كذبة ذكر تطور الجنين في بطن الأم, مروراً بكذبة اكتشاف ناسا لشقوق القمر وكذبة ذكر القرآن سرعة الضوء, كلها ليست أكثر من محاولات بائسة لتلبيس القرآن لباس العلم وإيهام المؤمنين بأن قرآنهم يحمل كنوز مخفية, وبأنه "معجزة" من عند رب الرمال.

ان اردت ان تقدس القرآن فهذا شأنك, لكن لا تكذب محاولاً اثبات انه من عند اله وهمي يسكن السماء, فهذا الأسلوب منحط وبائس واصبح موضة قديمة.

اذا اردت الإستزادة بخصوص مواضيع دحض الإعجاز العلمي تفضل هــــنــــا



تحياتي

وهداكم العقل