هل نحتاج للدين لنكون صالحين ؟


أرسل لي أحد الزملاء رسالة ملخصها انه وبغض النظر عن كون الأديان بشرية أم لا, فإن العالم سينتهي وتتحطم المثل والأخلاق الرفيعة اذا سيطر الإلحاد واللادينيية على عقول البشر, مدعياً ان الأديان هي التي اثرت في تشكيل الأخلاق, وبدونها سيعيث البشر فساداً في الأرض.

على الرغم من ان الزملاء الملحدين قاموا بالرد على تلك النقطة أكثر من مرة, الا ان عقول المتدينيين ترفض اي فكرة معارضة لدينها مهما بدت منطقية, ولذلك سأقوم في موضوع اليوم بدراسة المسألة من عدة جوانب وبإختصار شديد



علمياً, هل الأخلاق هبة السماء ؟

من المعروف أن الفكر الإلحادي قائم وبشكل اساسي على الإستدلال والتحليل العلمي للأمور, ولذلك لا تخلوا كتابات الملحدين من الأدلة العلمية والحقائق المثبتة كوسيلة لإثبات فكرة ما, وهو تماماً ما سأبتدأ موضوع اليوم به.

ذكر كبير علماء النفس الدكتور سيجموند فرويد في نظرية التحليل النفسي (structural theory) أن نظم الشخصية ثلاث... الهو, الأنا الأعلى, الأنا , وهم يشبهان وبحد كبير ثلاثية الشخصية المعروفة في أغلب الأديان (الشيطان, الله, الإنسان)

أ: الهو (الشيطان)

"الهو" حسب تفسير فرويد هو مصطلح يقصد به الطبيعة الأساسية والغريزة الحيوانية التي تؤثر في السلوك البشري, وهي الطاقة المستمدة من الإحتياجات البدنية الأساسية كالحاجة الى الطعام او الشراب او الشعور بالرغبة الجنسية, ويمثل الهو جميع غرائز الإنسان اللاشعورية (خارج منطقة الشعور والتحكم الإرادي)

ب: الأنا الأعلى (الله)

"الأنا الأعلى" ينقسم الى قسمين, "الأنا المثالي", وهو الذي يدفع بالشخصية الى تبني المثل العليا والأخلاق الرفيعة, و"الضمير", وهو الذي يتمثل في الشعور العميق المؤنب والمعاتب للشخصية عند ارتكاب الأخطاء.. ويعتبر "الأنا الأعلى" بمثابة المعارض لـ"الهو" فبينما يحاول "الهو" الحصول على إشباع غير واقعي للغرائز, يحاول "الأنا الأعلى" كف الغرائز تماماً

ج: الأنا (الإنسان)

يعتبر "الأنا" بمثابة الحاجز الفارق بين الدافع الغريزي "الهو" وبين الدافع الأخلاقي "الأنا الأعلى", وهو يكبح رغبات "الهو" ويحاول تنظيمها بإستعمال "الأنا الأعلى"

أي انه ومن خلال دراسة الطبيعة النفسية للإنسان نجد أن البشر بطبيعتهم يولدون بأخلاقهم, وأن الأديان قديما لم تكن أكثر من وسيلة سياسية للسيطرة على الحكم وإدارة شؤون البلاد, فالشريعة هي بمثابة الدستور, والنار بمثابة السجن أو الإصلاحية, والجنة بمثابة المكافئة و العلاوة



تاريخياً, هل كانت الأديان سبباً في إتعاس الناس أم تعزيز أخلاقهم ؟

في هذه النقطة بالذات تميل الكفة لصالح الإلحاد, فلطالما كانت الأديان السبب الأول والأساسي لإتعاس الناس وإهدار دمائهم وإحتلال أراضيهم وإغتصاب نسائهم, فمن غزوات محمد الى حروب هتلر مروراً بالحروب الصليبية والإسلامية, لم يكن هناك سبب أبلغ واقوى من أن يدعي الشخص أن ربه الخيالي أمره أن يقتل طفلاً أو يحتل بلداً أو يغتصب امراة بإسمه, وبهذه المناسبة سأذكر لكم فصلاً مضحكاً من كتاب سيرة ابن هشام والذي يوضح سبب قيام محمد بمجزرة بني قريظة التي قتل فيها محمد جميع اليهود من الرجال البالغين, وإغتصب نسائهم وبناتهم واستعبد أطفالهم , ويدلل الفصل بوضوح النقطة التي نتحدث عنها هنا:
فلما كانت الظهر أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني الزهري ، معتجرا بعمامة من إستبرق على بغلة عليها رحالة عليها قطيفة من ديباج فقال: أوقد وضعت السلاح يا رسول الله ؟ قال نعم, فقال جبريل: فما وضعت الملائكة السلاح بعد وما رجعت الآن إلا من طلب القوم إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة ، فإني عامد إليهم فمزلزل بهم

بإختصار, أتى جبريل -الملاك ذو الـ600 جناح- الى محمد على شكل رجل يلبس عمامة ويركب بغلة ليخبره أن الله أمره أن يذهب الى بني قريظة ويحاربهم -لأن الله كان مشغولاً جداً ذلك الوقت ولم يستطع ان يتصرف هو بنفسه- وكالعادة كان محمد الشاهد الوحيد على هذه الحادثة ,ما يثير الإهتمام في قصتنا هي نقطة استخدام اسطورة الإله كذريعة للهجوم على بني قريظة وارتكاب واحدة من اشنع لجرائم في حقهم, وهي الى الآن تستخدم كوسيلة للي ذراع المناقشين المسلمين المتغنين برحمة نبيهم.

للأسف وعلى الرغم من أن الأديان لم تسبب الا المآسي للبشرية, مازال اتباعها يؤمنون بأنها اتت لتنظم أمور البشر وتحثهم على فعل الخيرات, غير مدركين أن اديانهم -الإسلام بشكل خاص- قامت وانتشرت بحد السيف وعلى حساب الأبرياء المسالمين, فمهما حاولت تجميل صورة دينك فستفشل في تبرير الحروب التي قامت لنشره, فمن مصر المسالمة الى الأندلس البريئة الى القسطنطينية, استباح اتباع محمد كل ماهو محرم في سبيل أرضاء الإله السادي الذي ينبسط ويفرح لمجرد سماع أن احد اتباعه نحر كافراً بإسمه, أو عذب مرتداً لإعلاء كلمته



الفرق بين الدافع الديني والدافع الإنساني

الدافع الإنساني لعمل الخير يجعل الإنسان يعطف على كل شيء تقريباً, ولا فرق بين متدين او غير متدين الا بالرحمة, أما الدافع الديني فيأمرك بأن تستبيح محرمات أعدائك بإسم ربك الخيالي, وأن لا تساعد الا من كان "شاهد ما شافش حاجة" مثلك, وستجد أن القرآن مليء بالعبارات المحرضة والعنصرية كـ"أشداء على الكفار رحماء بينهم" و "إنما المشركون نجس" وغيرها الكثير

فمن غير الملحد بيل جيتس - صاحب شركة ميكروسوفت - تبرع بـ30 مليار دولار ؟ ومن غير الملحد وارين بافيت تبرع بـ37 مليار دولار ؟ هل طلب اياً منهم ان يخصص المال للملحدين فقط ؟ هل يمكن أن يتبرع مسلم بمبلغ كهذا من دون ان يفرق بين مسلم او غير مسلم ؟ هل احتاج هؤلاء الرجال للدافع الديني لحثهم على التبرع بهذه المليارات ؟ هل كانوا ينتظرون مكافئة من رب الرمال مثلاً ؟



الخلاصة

بإنتهاء الأديان -وهو ما اتوقع حدوثه بنهاية هذا القرن- سيتحول العالم الى مكان اصلح ,أكثر اماناً , وأقل تخلفاً, لن نخسر الكثير بالتخلص من الأديان, فأخلاقنا ليست مكتسبة من أوامر رب الرمال او اياً من الألهة الخيالية الأخرى, أخلاقنا هي جزء لا يتجزأ من شخصياتنا وواحدة من مكنوناتها, فلا تجعل اعداء الإنسانية يسيطرون على عقلك ليوهموك أن أخلاقك جزء من تعاليم دينك, لأنك اذا اتبعت كل ما أمرك به دينك في هذه الأيام فسيؤول بك الحال الى احدى الحسنيين, السجن أو مستشفى الأمراض العقلية.


تحياتي

وهداكم العقل